الجمعة, نوفمبر 22, 2024

أهم الأخبار

انتصار العرب الضائع في أكتوبر (الجزء الثاني) – ميدل إيست مونيتور

العديد من الأسرار المتعلقة بالشؤون العسكرية والأسلحة والتكتيكات والعمليات خلال الحرب لم تظهر بعد. وأصدرت مصر بعض الوثائق ذات الصلة عام 1998 في الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، لكنها كانت قليلة الأهمية ولم تكشف السر الخطير. معظم الكتب المنشورة عن حرب أكتوبر هي مذكرات للقادة العسكريين الذين شاركوا في الحرب، تسلط الضوء على تجاربهم الشخصية وبطولاتهم، ولا تحتوي على أي تصريحات تاريخية أو سياسية أو عسكرية.

تحدثنا في مقالي الأخير عن ثغرة ديفرسوار التي تتضارب التقارير حولها، لكن يجب أن نتفق على أنها أدت إلى اتفاقيتي فك الاشتباك بين القوى المصرية والصهيونية وبدء مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين. أما الاتفاقية الثانية، الموقعة في جنيف في الأول من سبتمبر/أيلول 1975، فقد نصت في مادتها الأولى على أن “الصراع بينهم وبين الشرق الأوسط لا يحل بالقوة العسكرية، بل بالوسائل السلمية”. ووفقاً لأحكام قرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر في 22 أكتوبر 1973، أكد على ضرورة التوصل إلى تسوية سلمية نهائية وعادلة من خلال المفاوضات في إطار مؤتمر جنيف للسلام.

وشكل هذا الأساس للمفاوضات بين مصر وإسرائيل، والتي أدت إلى محادثات كامب ديفيد عام 1978، والتي توجت فيما بعد باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979. وبذلك اتخذ الصراع العربي الإسرائيلي منحى آخر. اتجاه مختلف وشكل جديد للكفاح المسلح لتحرير الأرض من المحتل. وبدلاً من ذلك، منذ أن وقع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على اتفاقيات أوسلو في عام 1993، اتخذ تحرير الأرض شكل إشارة إلى ما يسمى “اتفاقيات السلام”. وعقب ذلك، وقع العاهل الأردني الحسين بن عبد الله على اتفاقية وادي عربة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994، وافتتح الرئيس السوري حافظ الأسد المفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين عام 1995، وسارع الحكام العرب للتقرب من إسرائيل.

READ  نتفليكس والصندوق العربي للثقافة والفنون يتبرعون بمبلغ 500 ألف دولار للعاملين في مجال السينما والتلفزيون في المنطقة

ولا بد أن أشير هنا إلى أن الرئيس أنور السادات دعا السلطة الفلسطينية والسعودية وسوريا والأردن لحضور مؤتمر مينا هاوس الذي عقد في القاهرة في ديسمبر 1977 لبحث وحل القضايا المتعلقة بالقدس والتسوية النهائية لقضية اللاجئين الفلسطينيين. . لم يحضروا. ورفع العلم الفلسطيني رغم خلو المقعد الفلسطيني.

إقرأ: العرب خسروا نصر أكتوبر (الجزء الأول)

ذهب الرئيس السادات إلى سوريا والتقى بحافظ الأسد. وطلب من سوريا الانضمام إلى مؤتمر السلام في جنيف لاستعادة الجولان المحتل، لكنه رفض وهاجمه هو وغيره من الحكام العرب. وشنوا حملة وحشية ضد السادات واتهموه بالخيانة بعد زيارته لإسرائيل وخطابه في الكنيست. وعلقت الدول العربية عضوية مصر في الجامعة العربية ونقلت مقرها إلى تونس، لكن بعد 15 عاما اتبعت نفس المسار الذي رفضت اتباعه مع السادات وشكلت جبهة قوية في المفاوضات ضد إسرائيل. وسمحت لإسرائيل بمحاصرة كل واحد منهم على حدة. لقد أرادوا أن يكونوا في طليعة “الإصرار والمواجهة” ويهاجموا الرئيس السادات، لكننا لا نرى أي بوادر على تحريرهم الأرض.

والآن، بعد مرور نصف قرن، لا يزال الحكام العرب يهرعون إلى إسرائيل لتطبيع علاقاتهم معها، فضلا عن فتح سفارات إسرائيلية في بلدانهم، وتوقيع اتفاقيات تجارية وعسكرية معها، والتوصل إلى اتفاقات سلام معها. العهود الإبراهيمية. وهو ما يجبرهم على قبول قطع ما ضاع وسط الأحداث العالمية وتغيرات موازين القوى العالمية، حتى لو لم يكونوا في حالة حرب معها. وتم ضم القدس إلى دولة إسرائيل وإعلانها عاصمتها، كما تم ضم الجولان السوري أيضاً إلى الأراضي الإسرائيلية.

اقرأ: السعودية أصبحت شريكة للصهاينة في الاحتلال الفلسطيني

وبعد اتفاقات السلام، استمرت إسرائيل في الادعاء بأن القوات المسلحة المصرية لم تتمكن من تحرير سيناء بأكملها، إلا بضعة كيلومترات فقط، واضطرت إلى التفاوض والتوقيع على اتفاقيات سلام لاستعادة بقية سيناء. يتفاخر الإسرائيليون بغطرسة بأن العرب قد لقنوهم درساً، وأن إسرائيل تجيد الحرب، وأنهم لا يستطيعون الحصول على أي شيء سوى المفاوضات.

READ  بعض الملوك العرب يخونون المسلمين بالتعاون مع إسرائيل: الحوثيون

وللأسف فإن الصهاينة العرب يتفقون مع هذا الكلام. حرب أكتوبر ضد العدو الصهيوني تصيبهم بالدوار وعدم التوازن وتسبب لهم الصداع الشديد. وعندما يتحدثون عن ذلك فإنهم لا يطلقون على إسرائيل اسم العدو، بل على الجانب الآخر. ولعل الأمر المؤسف هو أن الخطاب الرسمي والإعلامي يتجنب ذكر إسرائيل، العدو الذي احتل أرضنا، والذي هزمنا أو قاتلنا وهزمنا عدواً وهمياً عند الإشارة إلى النصر في حرب أكتوبر. لقد غزا جيش مجهول أرضنا. وهذا بالطبع لحرف البوصلة، ومحو العدو الصهيوني من الضمير العربي، وخلق ضمير عربي جديد يجعل من إسرائيل صديقاً وليس عدواً، وفق ما تتبعه الحكومات العربية الافتراضية!

إنها جريمة كبرى في حق الوطن والشعب والتاريخ النضالي والبسالة العسكرية والأمن القومي والمصالح العليا. فهو يكسر الشعب ويضعف ثقته بنفسه ويؤثر على معنوياته لتضخيم قوة العدو الصهيوني.

ستبقى إسرائيل العدو التاريخي للأمة، مهما حاول الحكام العرب إصلاح العلاقات معها، وستستمر الدول العربية في رفض التطبيع مع العدو الصهيوني.

اقرأ: التطبيع السعودي الإسرائيلي يسعى إلى الاستسلام الفلسطيني الكامل

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.

آخر الأخبار
أخبار ذات صلة