الرياض: تسعى المملكة العربية السعودية بقوة إلى تنفيذ أجندتها الإصلاحية، مع التركيز على تحسين تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتنويع استراتيجيات الاستثمار، على الرغم من الانخفاض الأخير في رصيدها المالي، حسبما أفاد البنك المركزي السعودي ووزارة المالية.
وفي الربع الثاني من عام 2023، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كان هناك انخفاض بنسبة 21 في المائة، بقيمة 6.2 مليار ريال سعودي (1.65 مليار دولار).
وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي تشمل رؤوس الأموال التي تستثمرها الشركات السعودية في الخارج، 18.34 مليار ريال، بانخفاض قدره 53 في المائة عن الربع المماثل من العام السابق.
وقال البراء الوزير، الخبير الاقتصادي في مجلس الأعمال الأمريكي السعودي: “على الرغم من انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر مؤخرًا إلى 6.2 مليار ريال، إلا أن عدد تراخيص الاستثمار الصادرة عن وزارة الاستثمار وصل إلى 1819 في الربع الثاني. 94 في المئة أعلى من العام السابق.
وأضاف: “منذ إطلاق رؤية 2030، نفذت المملكة العربية السعودية تغييرات قانونية واقتصادية واجتماعية كبيرة لجذب مستويات أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر”.
وأشار الوزير إلى أن وزارة الاستثمار منحت تراخيص لـ 180 شركة لإنشاء مقرات إقليمية في المملكة قبل الموعد النهائي في يناير 2024.
يتوقع خبير اقتصادي أن تؤدي خطة المقر الإقليمي إلى تسريع الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية.
وقال: “من المتوقع أن يظهر التأثير الكامل للمخطط على المدى المتوسط، وإن كان ذلك مع انتكاسة محتملة، حيث قد تضطر الشركات التي تسعى إلى المخططات الحكومية إلى الانتقال إلى أماكن أخرى”.
أعلنت المملكة العربية السعودية عن حوافز ضريبية للشركات الأجنبية التي تنشئ مقرها الإقليمي في المملكة، بما في ذلك إعفاء لمدة 30 عامًا من ضريبة دخل الشركات.
وتشمل هذه الإجراءات أيضًا إعفاء ضريبة الدخل على نقل المقرات الإقليمية للشركات الأجنبية، اعتبارًا من تاريخ الترخيص كما حددته وزارة الاستثمار.
وقال الوزير إن صندوق نيوم الاستثماري الذي تم إطلاقه حديثًا يتمتع بموقع استراتيجي لجذب المستثمرين ولعب دور في تطوير المدينة الجديدة.
وأكد أنه على الرغم من تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الثاني من عام 2023، إلا أن المملكة وصلت إلى ثاني أعلى مبلغ في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خلال هذه الفترة.
وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الاستثمار، فقد ارتفعت حصة الاستثمار الأجنبي المباشر، التي تمثل إجمالي حصص الملكية والأسهم والحصص المالية التي يملكها المقيمون في المملكة في الشركات الأجنبية، بنسبة 2.89 في المائة خلال الفترة.
وأكدت الوزارة أن هذا الارتفاع يشير إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في النظام البيئي الاستثماري السعودي.
الإصلاحات في اقتصاد المملكة ليست جديدة، حيث أشار تقرير للبنك الدولي نُشر عام 2020 إلى أهمية سلسلة من الإجراءات التي تركز على بدء الأعمال التجارية والتعامل مع تصاريح البناء وتسهيل التجارة الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز حماية المستثمرين الأقلية، وتم إدخال ضريبة القيمة المضافة وتنفيذ تحسينات كبيرة في التجارة وإنفاذ المعاهدات، حسبما أشار التقرير.
وتظهر هذه الإصلاحات مجتمعة التزام المملكة العربية السعودية بخلق بيئة أعمال أكثر كفاءة وصديقة للمستثمرين.
وفقًا لتقرير صادر عن نقابة المحامين الدولية حول الإطار القانوني للاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة وتوقعاته لشهر أبريل 2023، تعمل المملكة العربية السعودية على زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في مختلف القطاعات. وتعد فرنسا واليابان والكويت وماليزيا وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة المساهمين الرئيسيين في هذه الزيادة في الاستثمار.
وكما هو مبين في التقرير، فإن القطاعات الرئيسية التي تجتذب قدراً كبيراً من الاستثمار الأجنبي المباشر تشمل الصناعة الكيميائية، والعقارات، والوقود الأحفوري، فضلاً عن السيارات، والسياحة، والبلاستيك والآلات. ويشير هذا التنويع إلى الاهتمام المتزايد والثقة من جانب المستثمرين الدوليين في المشهد الاقتصادي في المملكة العربية السعودية.
وأظهرت بيانات وزارة الاستثمار زيادة بنسبة 135.4 في المائة على أساس سنوي في عدد تراخيص الاستثمار الصادرة، لتصل إلى 2192 في الربع الثالث من العام الجاري.
وبحسب الوزارة، فإن هذا الارتفاع مستوحى من الوجهة الاستثمارية الجذابة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، والتي توفر مزايا تنافسية ضمن بيئة أعمال مستقرة وداعمة.
حقيقة سريع
وأظهرت بيانات وزارة الاستثمار زيادة بنسبة 135.4 في المائة على أساس سنوي في عدد تراخيص الاستثمار الصادرة، لتصل إلى 2192 في الربع الثالث من العام الجاري.
وقالت الوزارة إن إجمالي تكوين رأس المال الثابت، الذي يعكس الاستثمار في الأصول الثابتة مثل المباني والآلات والمعدات والبنية التحتية للإنتاج، ارتفع بنسبة كبيرة بلغت 7 في المائة خلال الفترة ليبلغ إجماليه 278.9 مليار ريال.
وبحلول ذلك الوقت، كان صندوق رأس المال الإجمالي غير الحكومي يمثل حوالي 85 في المائة من الإجمالي، ليصل إلى 236.6 مليار ريال سعودي. ويمثل ذلك نموا بنسبة 7.6 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وفي المقابل، بلغت حصة التمويل الحكومي الإجمالي 15 في المائة خلال الربع، بزيادة قدرها 3.5 في المائة، ليصل إجماليها إلى 42.3 مليار ريال. وتؤكد هذه البيانات الدور المهم الذي تلعبه القطاعات غير الحكومية والحكومية في تكوين رأس المال في اقتصاد المملكة العربية السعودية.
ويبلغ الحساب المالي للمملكة، والذي يشمل صافي أصول الاستثمار المباشر ومحفظة الاستثمار والأصول الاحتياطية، 42.97 مليار ريال. ويمثل هذا الرقم انخفاضا بنسبة 70 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لتقرير صادر عن البنك المركزي في المملكة.
وانخفضت استثمارات المحافظ، وهي المكون الثاني للحساب المالي السعودي، بنسبة 66 في المائة.
وفي الوقت نفسه، أظهر صافي عمليات الاستحواذ على الأصول المالية نمواً بنسبة 25 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، ليصل إجماليها إلى 50.14 مليار ريال سعودي. إلا أن هذه الزيادة قوبلت بارتفاع في قطاع الالتزامات بالمحفظة، حيث ارتفعت سندات الدين من -18.53 مليار ريال سعودي إلى 25.69 مليار ريال سعودي خلال نفس الفترة.
وبحسب الوزير: “أشارت الحكومة إلى أنها ستستخدم أسواق الدين لجمع السيولة لتمويل مشاريعها. وتؤكد الزيادة في الاقتراض من خلال السندات التزامها بتحقيق أهداف التنويع المنشودة.
وأضاف: “أصدرت الحكومة مؤخرًا ديونًا خارجية ومحلية، حيث تمثل الديون المحلية المقومة بالريال حوالي 63 بالمائة من الإجمالي. وفي النصف الأول من عام 2023، أصدرت الحكومة ديوناً محلية بقيمة 23 مليار ريال، في حين ارتفع إجمالي الدين المحلي من 615 مليار ريال إلى 624 مليار ريال.
وانخفضت الأصول الاحتياطية، التي تشمل حقوق السحب الخاصة والعملة والودائع والسندات، بنسبة 70 في المائة. ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض قيمة الأوراق المالية في هذا القطاع.
وأوضح الوزير أن “موضوع تخفيض الاحتياطيات، في هذه الحالة السندات، هو خطوة استراتيجية لتقليل الأرصدة الاحتياطية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي وإعادة توجيه النقد عبر مجموعة من الأدوات”.
“قامت السعودية بتعديل استراتيجيتها الاستثمارية في السنوات الأخيرة من خلال تخصيص الأموال للصناديق الوطنية مثل صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني. ومن الأمثلة على ذلك عندما قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بتحويل 150 مليار ريال سعودي من احتياطياتها الأجنبية إلى صندوق الاستثمارات العامة في عام 2020”. أضاف.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الدين العام مستقر، وأقل بشكل مريح من سقف الدين البالغ 50% إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن القدرة المالية كبيرة. وأكد أن استراتيجية الاقتراض الحكومية تهدف في المقام الأول إلى تمديد فترات الاستحقاق وخفض تكاليف إعادة التمويل وإنشاء منحنى العائد.