معالجة تحديات المياه والأراضي في مؤتمر الأطراف السادس عشر
عندما يقف المرء على نتوء صخري في ضواحي الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لا يسعه إلا أن يذهل بالمناظر الطبيعية القاحلة التي تمتد إلى ما لا نهاية في الأفق.
تحكي التلال المتموجة والتضاريس الوعرة قصة المرونة والقدرة على التكيف. ولكن وراء هذا الجمال الصارخ تكمن أزمة ملحة. ووفقاً للبنك الدولي، فإن ثلاثة أرباع الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة تدهورت بالفعل، ويواجه 60% من السكان ندرة المياه، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 100% بحلول عام 2050.
إن ندرة المياه وتدهور الأراضي ليست مشاكل بيئية فحسب. إنها تهديدات وجودية للمملكة وخارجها. ومع عدم وجود أنهار أو بحيرات طبيعية، تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل كبير على المياه الجوفية ومياه البحر المحلاة.
ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذا التوازن الدقيق، مع هطول الأمطار الذي لا يمكن التنبؤ به، وفترات الجفاف الطويلة، وموجات الحرارة التي تستنزف موارد المياه بشكل أسرع من تجديدها. وفي الوقت نفسه، أصبحت حالات الجفاف أكثر تواترا وشدة.
ولهذا السبب انضمت المملكة العربية السعودية مؤخراً إلى التحالف الدولي لمواجهة الجفاف ــ وهو تحالف عالمي يعمل على تعبئة الموارد للاستعداد لموجات الجفاف الشديدة ــ والذي تشكل أمانته مهمة الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
إن الآثار المترتبة على أزمة المياه هذه عميقة. وقد تواجه الزراعة، التي تستخدم 85% من المياه في المملكة العربية السعودية، كارثة.
فالمياه نادرة، والأمن الغذائي موضع شك، وسبل عيش أولئك الذين يعتمدون على الزراعة على المحك.
ويؤدي التصحر الشديد، حيث تتحول الأراضي الخصبة إلى أراضٍ قاحلة، إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وعدم الاستقرار الاقتصادي.
والتكاليف الاقتصادية مذهلة، حيث تُفقد مليارات الدولارات كل عام. وفي الشرق الأوسط وحده، يؤثر تدهور الأراضي على أكثر من 50 مليون هكتار، مما يؤدي إلى خسائر سنوية تقدر بنحو 9 مليارات دولار.
في ديسمبر/كانون الأول من هذا العام، عندما تستضيف المملكة العربية السعودية مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الرياض، ستكون أهمية معالجة تدهور الأراضي وندرة المياه في دائرة الضوء العالمية. وتتشكل القمة لتكون أكبر منتدى عالمي وأكثرها طموحًا بشأن الأراضي والجفاف حتى الآن.
إن ندرة المياه وتدهور الأراضي ليست مشاكل بيئية فحسب. إنها تهديدات وجودية للمملكة وخارجها.
ابراهيم دياو
إن الاحتفال بالذكرى السنوية الثلاثين للاتفاقية، يمثل هذه اللحظة المهمة فرصة لجميع البلدان للعمل معًا لتطوير حلول مستدامة وإظهار التزامها باستعادة الأراضي.
كل عام نخسر 100 مليون هكتار، أي بحجم موريتانيا. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فسوف يلزم استعادة 1.5 مليار هكتار بحلول عام 2030 لتحقيق تحييد تدهور الأراضي.
تتخذ البلدان في جميع أنحاء العالم خطوات جريئة لاستعادة الأراضي. وفي أفريقيا، على سبيل المثال، تهدف مبادرة الجدار الأخضر العظيم إلى استعادة 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في 20 دولة بحلول عام 2030، وخلق فرص العمل وتحسين الأمن الغذائي.
تم تحويل صحراء كوبوكي الصينية، التي كانت ذات يوم أرضًا قاحلة دمرتها العواصف، من خلال إعادة التشجير واستعادة النظام البيئي والزراعة العضوية والسياحة البيئية والصناعة الخضراء والطاقة الشمسية، مما استفاد منه 102 ألف من السكان المحليين وانتشال الكثيرين من الفقر.
كما تخطط مبادرة الشرق الأوسط الخضراء، وهي مبادرة إقليمية تقودها المملكة العربية السعودية، لزراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وإعادة إحياء 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
وتوضح هذه الجهود، إلى جانب المبادرة الخضراء السعودية، التي تهدف إلى استعادة 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، الالتزام العالمي بمعالجة تدهور الأراضي وندرة المياه.
ونأمل أنه من خلال الجهود المشتركة والحلول المبتكرة، يمكن التخفيف من تحديات ندرة المياه والتصحر، مما يضمن مستقبل أكثر استدامة للمملكة والشرق الأوسط الكبير وخارجه.
• إبراهيم دياو، الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة التصحر وهو وكيل الأمين والأمين التنفيذي للمؤتمر.
إخلاء المسؤولية: الآراء التي عبر عنها الكتاب في هذا القسم خاصة بهم ولا تعكس بالضرورة آراء عرب نيوز.