النهضة الأدبية في المملكة العربية السعودية تجتذب الجماهير المحلية والعالمية
الرياض: يشهد المشهد الأدبي في المملكة العربية السعودية نهضة نابضة بالحياة مع جيل جديد من الكتاب الذين يأسرون الجماهير المحلية والدولية.
وقال إبراهيم السنان، رئيس التحرير في دار راف للنشر، إن “الأدب السعودي شهد تسارعا كبيرا في العقد الماضي، خاصة خلال الفترة التي أصبحت فيها الثقافة ومشتقاتها الأدبية أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030”.
وأضاف: «إن هذا الانفتاح الجديد على المعرفة والأدب، مدفوعاً بمختلف المبادرات والمسابقات والأنشطة، مكّن الشباب من تحقيق خطوات كبيرة في الإنتاج الأدبي. وما كان يستغرق تعلمه عقودًا من الزمن، أصبح الشباب ينجزونه الآن في بضع سنوات.
من قلب الرياض إلى شوارع جدة الخلابة، يبتكر الكتاب السعوديون قصصًا تعكس النسيج الثقافي الغني للمملكة والتغيرات الاجتماعية السريعة. ومن بين هؤلاء المؤلفين رجاء عالم، ومحمد حسن علوان، وبدرية البشر، الذين تتراوح أعمالهم بين القصص المجازية والمذكرات المؤثرة.
يمكن تقسيم الحركة الأدبية في السعودية إلى موضوعين رئيسيين: “التأمل الثقافي” و”السرديات الحديثة”.
يتناول الأول قضايا الهوية والتراث والأعراف الاجتماعية.
عاليضوء
يمكن تقسيم الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية إلى موضوعين رئيسيين: “التأمل الثقافي” و”السرديات الحديثة”.
على سبيل المثال، يستكشف فيلم “عقد الحمامة” لعالم تعقيدات ثقافة ماكان من خلال الاستعارات والرموز. “موت صغير” ل علوان هو رحلة روحية عبر حياة ابن عربي وتناسب هذا الموضوع، حيث تقدم غوصًا عميقًا في الهوية الروحية والثقافية.
أما المحور الثاني وهو “القصص الحديثة” فيركز على القضايا المعاصرة والتجارب الشخصية.
تتناول رواية البشر “قصص حب في شارع العشا” الحياة اليومية للمرأة السعودية ونضالاتها، وتصور بحثها عن الهوية والحب والاستقلال في مجتمع سريع التغير. يسلط عملها الضوء على الضغوط الاجتماعية والتوقعات الثقافية التي تواجهها المرأة، مما يوفر منظورًا صادقًا وانتقاديًا في كثير من الأحيان للحياة السعودية الحديثة.
يؤكد كلا الموضوعين على فكرة أن الهوية والتطور الاجتماعي أمران شخصيان للغاية، حيث يعتمد كل كاتب على تجاربه الشخصية.
تشاركنا الكاتبة السعودية الناشئة ياسمينة المدبغاني إلهاماتها المبكرة ورحلتها ككاتبة. وقالت: “أحببت فكرة الكتابة في مجلة وترك مخيلتي ترشد الكلمات”. “ما يلهمني هو إمكانية تأليف قصص تجلب البسمة أو تجعل القلب يرفرف.”
نمت كتابات المطبغاني بشكل كبير منذ أيامه الأولى. وقال: “أنا فخور بأن أقول إنني علمت نفسي”. “لقد ساعدتني القراءة كثيرًا في تطوير أسلوبي في الكتابة. “كلما تعلمت كلمة جديدة، كنت أكتبها. وشيئًا فشيئًا، أدركت متى يجب إضافة فاصلة أو متى أنهي الجملة.”
تؤثر الثقافة والتقاليد السعودية بعمق على قصصه. وقال: “كلما أكتب تكون شخصياتي إما سعودية بالكامل أو نصف سعودية، وفي كل مرة أتأكد من أن الشخصيات تمثل الثقافة السعودية من حيث الأخلاق والسلوك والحدود”.
إن الموازنة بين التقاليد الثقافية والتشكيك في الأعراف الاجتماعية هو فن بالنسبة للمطبغاني. “التواصل هو البوصلة. في الثقافة السعودية، هناك دائماً نزعة محافظة، وهي جميلة ومفهومة. في رواياتي، أتأكد من أن حوارات شخصياتي ترتكز على التجربة الإنسانية.
يؤمن المطبغاني بنقل جمال البساطة وسحر التفاصيل الصغيرة من خلال كتبه. وقال: “رسالتي هاتان: شاهد كيف تتغير حياتك عندما تركز على جمال الأشياء الصغيرة والتفاصيل، وعندما تنقل مشاعرك وأشياءك”.
على الرغم من التحديات التي تواجهها في أن تصبح مؤلفًا منشورًا في المملكة العربية السعودية، مثل نقص الموارد والتوجيه، فقد حقق المطبقاني إنجازات مهمة.
أصدر كتابين: «كذبة وهيبة» عام 2018، و«ما وراء السطح (أحاديث الوباء)» عام 2023. أحدث رواياته متوفرة في مكتبات زرير المنتشرة في جميع أنحاء المملكة.
مع استمرار المملكة العربية السعودية في التطور ثقافيًا واجتماعيًا، أصبح مشهدها الأدبي نسيجًا نابضًا بالحياة من الأصوات والقصص التي تعكس التقاليد والحداثة. ومع مبادرات مثل رؤية 2030، يبدو المستقبل الأدبي للمملكة واعدًا.
ويؤكد السنان على أهمية هذه المساعي الثقافية. “لقد قدمت الحكومة السعودية العديد من البرامج لرعاية وتشجيع المواهب المحلية. ولم تقم هذه المبادرات بتوسيع نطاق الأدب المحلي فحسب، بل جعلته أيضًا في متناول الجماهير الدولية.
ويرى المطبغاني دوره ككاتب في هذا التطور الثقافي والاجتماعي الأوسع كجسر بين التقليد والحداثة. وقال: “أقول لقرائي إنني أرى جمال الثقافة السعودية والمجتمع السعودي وهو ينمو بلطف وانفتاح على الثقافات المختلفة”.
وينعكس هذا الانفتاح أيضًا في تنوع المواضيع التي يرغب الكتاب السعوديون المعاصرون في استكشافها. من القصص النسوية والتعليقات الاجتماعية إلى الخيال التاريخي والمذكرات الشخصية، فإن المشهد الأدبي السعودي غني ومتنوع، ويقدم شيئًا لكل قارئ.
على سبيل المثال، بالإضافة إلى دراسة المطبغاني عن الحب والجمال، يتناول مؤلفون آخرون القضايا الاجتماعية الملحة.
تستكشف أعمال عالم في كثير من الأحيان قضايا الهوية والأعراف الاجتماعية، في حين تتناول رواية الفشر “اليد والجنود” بشكل نقدي الضغوط الاجتماعية والتوقعات الثقافية التي تواجهها المرأة السعودية.
كما أن ظهور المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أتاح للمؤلفين السعوديين طرقًا جديدة لمشاركة أعمالهم والتواصل مع القراء حول العالم.
وكما يشير السنان: “لقد سمح العصر الرقمي بدمقرطة الأدب. يمكن للكتاب الآن نشر أعمالهم عبر الإنترنت والوصول إلى جمهور عالمي دون الحاجة إلى حراس البوابات التقليديين.
النهضة الأدبية في المملكة العربية السعودية لا تقتصر على الإنجازات الفردية فحسب، بل تتعلق أيضًا بتنمية مجتمع من الكتاب الذين يدعمون ويلهمون بعضهم بعضًا. أصبحت المهرجانات الأدبية ومعارض الكتب وورش العمل الكتابية أكثر شيوعًا، مما يوفر مساحات للحوار والتعاون.
في الختام، يشهد المشهد الأدبي في المملكة العربية السعودية تغيرًا ديناميكيًا. وبدعم من المبادرات الثقافية، وشغف كتابها ومشاركة قرائها، تستعد المملكة لترك بصمة مهمة على الساحة الأدبية العالمية.
وقال السنان: “إننا نشهد فجر عصر جديد في الأدب السعودي، عصر يحتضن إمكانيات المستقبل ويحترم تراثنا الغني”.
مع استمرار ازدهار المشهد الأدبي في المملكة العربية السعودية، تقدم العديد من أعمال المؤلفين السعوديين وجهات نظر جديدة وسرد قصصي مبتكر يجسد جوهر الحياة السعودية المعاصرة، على سبيل المثال:
-
“ما وراء السطح (حوارات وبائية)” بقلم ياسمينة المطبغاني: يستكشف هذا الكتاب كيف يمكن للتواصل أن يوفق بين وجهات النظر المختلفة. ويستكشف موضوعات الحب والطبيعة البشرية والجمال والحياة، ويظهر قوة الحوار في التغلب على الاختلافات.
-
“الخوف: أساطير السقوط” لأسامة المسلم: يجمع هذا الكتاب، وهو جزء من سلسلته “الخوف”، بين الخيال والرعب والفولكلور لاستكشاف موضوعات المخاوف الخارقة للطبيعة والمخاوف العميقة الجذور. إنها قراءة مثيرة وعميقة.
-
“حوجن” لإبراهيم عباس وياسر بهجاد: رواية الخيال العلمي والفانتازيا هذه تبهر القراء بمزيجها من فولكلور الجن وفانتازيا المملكة العربية السعودية في العصر الحديث. يستكشف موضوعات الحب والثقافة وما وراء الطبيعة، مما يوفر عدسة فريدة للمجتمع السعودي.
-
“مدن الملح” لعبد الرحمن منيف: على الرغم من أنه ليس كتابًا جديدًا، فقد حظي هذا الكتاب الكلاسيكي باهتمام متجدد لاستكشافه بشكل أعمق لتأثير اكتشاف النفط على المجتمع السعودي. قصة منيف الملحمية وثيقة الصلة بالواقع ومثيرة للتفكير.
لا تسلط هذه الأعمال التي كتبها مؤلفون سعوديون الضوء على الأصوات المتنوعة والديناميكية الناشئة من المملكة فحسب، بل تزود القراء أيضًا بفهم للمشهد الثقافي المتطور.