بدأت الصناعة في المملكة العربية السعودية تزدهر بفضل مبادئ التصنيع المبتكرة
الرياض: قال أحد كبار المحللين إن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى تبني تقنيات تصنيع رائدة في سعيها لجعل صناعتها محركًا رئيسيًا للنمو.
باين وشركاه وقال كريم شريف، رئيس ممارسة خدمات التصنيع المتقدمة في الشرق الأوسط في عرب نيوز، إن أهداف المملكة هي تحسين الإنتاجية والمرونة والمسؤولية البيئية.
وبهدف زيادة عدد المصانع إلى 36000 بحلول عام 2035، منها 4000 ستكون مؤتمتة بالكامل، تستعد المملكة العربية السعودية لخلق مشهد تصنيعي ديناميكي ومبتكر.
إن اعتماد التقنيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات، يجعل الصناعات السعودية رائدة عالميًا في هذه الثورة.
وقال شريف: “المملكة لديها خطط جادة لدعم القطاع الخاص وتعزيز اعتماد معايير أعلى لسياسات الإنتاج المتقدمة والنظيفة تحت قيادة وزارة الصناعة والثروة المعدنية والبرنامج الوطني للتنمية الصناعية والخدمات اللوجستية والوكالات الأخرى. تطوير وتشغيل المرافق القادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً.
وأضاف: “لتحقيق معايير عالية بشكل كامل، يجب أن يركز هذا التحول ليس فقط على الابتكارات الذكية مثل الروبوتات والمصانع ذاتية التحكم للغاية، ولكن أيضًا على نهج قائم على الأنظمة يدمج الأتمتة والرقمنة والتدوير والكفاءة”.
ومنذ إطلاق استراتيجية التنويع الاقتصادي رؤية 2030 في عام 2016، شهدت الصناعة في المملكة نمواً مطرداً، حيث وصلت الاستثمارات في التصنيع إلى 132 مليار دولار.
ومن أبرز معالم هذه النهضة اعتماد مبادئ الصناعة 4.0، التي تدمج التقنيات المتقدمة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والروبوتات لإنشاء أنظمة عالية الكفاءة ومرنة ومترابطة.
وتهدف هذه القفزة التكنولوجية إلى تحسين الكفاءة والإنتاجية، وتحويل البلاد بعيدا عن النماذج الاقتصادية التي تركز على النفط.
وقد بدأت هذه الخطوة تؤتي ثمارها بالفعل، حيث ارتفع نشاط التصنيع في المملكة العربية السعودية بنسبة 18.5 في المائة بحلول ديسمبر 2022، مما يشير إلى احتضان قوي لهذه التقنيات التحويلية.
لكي تستمر المملكة في هذا المسار، قال شريف إن هناك حاجة إلى “تغيير جذري” في مشهد التصنيع في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، مضيفًا أن اعتماد مبادئ الصناعة 4.0 هو “طريق واضح لإنشاء نظام بيئي صناعي مزدهر”.
وأضاف: “ينبغي على الحكومة شحذ السياسات بشأن تنمية مهارات القوى العاملة وكفاءة الطاقة وما إلى ذلك، وضمان اتباع نهج العصا والجزرة المناسب”.
وأشار الخبير إلى أن اتباع نهج مختلف ضروري لضمان إنشاء المصانع الجديدة وفقًا للمعايير الصحيحة في البداية.
كما تحتاج الجامعات والمؤسسات التعليمية إلى رؤية للفجوة في المهارات التي يجب سدها لضمان المناهج والتدريب المناسبين للخريجين القادمين.
ولا تعتمد المملكة العربية السعودية فقط على الابتكار المحلي لتطوير القطاع، حيث تستخدم المملكة التعاون الدولي، وخاصة مع تركيا، للإشارة إلى نهج تطلعي لتنويع الخبرات الصناعية.
وسلط وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الغوريف، الضوء في وقت سابق على الشراكات الدولية المحتملة في مجالات الأمن الغذائي والصحة والجيش والطيران، مؤكدا على أهمية التقدم التكنولوجي في هذه المجالات.
وتهدف الاستراتيجية الصناعية الوطنية، وهي أحد العناصر الرئيسية لرؤية 2030، إلى جعل الصناعة تنافسية ومستدامة عالميًا.
ومن خلال تشجيع الابتكار وتطوير المنتجات المحلية وتعزيز الشراكات العالمية، تهدف المملكة العربية السعودية إلى زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 900 مليار ريال سعودي (230 مليار دولار) بحلول عام 2030.
ويعد تطوير المحتوى المحلي جانبا رئيسيا من هذه الاستراتيجية، بهدف زيادة حصة السلع والخدمات المنتجة محليا إلى 60 في المائة بحلول عام 2025.
وقال شريف: “الدروس المستفادة من الفجوات ومعايير تطلعات قطاع التصنيع السعودي تشير إلى أن هذا التحول سيتطلب جهوداً متضافرة كبيرة”.
وفي مسعى لتشجيع الاستهلاك المحلي، أطلقت هيئة تنمية الصادرات السعودية برنامج “صنع في السعودية” عام 2020.
ولتحقيق جودة أفضل بشكل كامل، يجب أن يركز هذا التحول على تطورات عقلية أفضل مثل زيادة استخدام الروبوتات والمزيد من المصانع المستقلة، ولكن على نهج قائم على الأنظمة حقًا يدمج الأتمتة والرقمنة والتدوير والكفاءة.
كريم شريف هو رئيس ممارسات خدمات التصنيع المتقدمة في منطقة الشرق الأوسط لدى شركة Bain & Co.
وقد أسفرت هذه الخطوة بالفعل عن نتائج إيجابية، مما أدى إلى طفرة في مشهد التصنيع المحلي.
وتم إصدار أكثر من 2000 ترخيص جديد لمشاريع مختلفة، ساهمت في توفير 193 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع الصناعي.
ومن المساهمين القويين في هذا التحول صناعة التعدين السعودية، التي أصدرت 1300 ترخيصًا جديدًا واجتذبت استثمارات تزيد قيمتها عن 32.4 مليار دولار.
ويعكس التزام المملكة بتحسين قوانين التعدين وإصدار تراخيص جديدة طموحها لجعل قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية، حيث تصل الثروة المعدنية المقدرة إلى 1.35 تريليون دولار.
نظرة مستقبلية
إن التزام الحكومة السعودية بجذب الاستثمار الأجنبي من خلال الحوافز ومتطلبات التصنيع المحلية يؤكد التزامها بالمرونة الاقتصادية والنمو.
وتعمل المبادرات الاستثمارية مثل صندوق التنمية الصناعية وتنمية المدن الاقتصادية الخاصة على توسيع مسار التنمية الصناعية.
ويضمن التعاون بين القطاعين العام والخاص، والذي يتجسد في مبادرات مثل عملية 300 مليار في دولة الإمارات العربية المتحدة، اتباع نهج متكامل للتحول الرقمي، مما يساهم في نهاية المطاف في نمو قطاع التصنيع.
يحمل مستقبل القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية وعودًا كبيرة، مدفوعًا بالتخطيط الاستراتيجي والتعاون الدولي والالتزام الراسخ بالتقدم التكنولوجي.