إن الاتحاد المغاربي المتجدد سوف يعود بالنفع على كافة الدول الأعضاء
أدت التطورات التي شهدتها منطقة المغرب العربي الشهر الماضي إلى تجدد الاهتمام باتحاد المغرب العربي، وهو خطة طموحة لتوحيد الجزء الغربي من العالم العربي.
وكان آخر اجتماع لاتحاد المغرب العربي قد انعقد منذ ثلاثة عقود في عام 1994. وسط خلافات سياسية واقتصادية مختلفة، أعطت بلدان المغرب العربي – المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا – الأولوية لمشاريعها الوطنية. والعلاقات الدولية. إن اتحاد المغرب العربي موجود اليوم في أغلبه على الورق، وله مكتب في الرباط وعدد قليل من برامج التعاون الثالث بين الدول الأعضاء. وقد دعا الزعماء الإقليميون من وقت لآخر إلى إحياء الاتحاد، ولكن هذه الجهود لم تكن ناجحة.
واليوم، يعود الاهتمام الدولي إلى التركيز على آفاق تنشيط اتحاد المغرب العربي. وما بدأ باحتمال قيام اتحاد جديد مجزأ انتهى بالالتزام بالمصالحة وتنشيط النظام.
وفي 22 أبريل، التقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مع الرئيس التونسي قيس سيد والرئيس الجزائري عبد المجيد ديبون في تونس العاصمة لمناقشة القضايا ذات الصلة في منطقة المغرب العربي، في بداية سلسلة من الاجتماعات الثلاثية الشهرية. وجاء ذلك نتيجة للقرار الذي اتخذ مطلع الشهر الماضي عندما التقى الزعماء الثلاثة على هامش القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز في الجزائر العاصمة واتفقوا على عقد مثل هذه اللقاءات التشاورية من وقت لآخر.
وكان المغرب وموريتانيا، العضوان الآخران في اتحاد المغرب العربي، غائبين بشكل ملحوظ عن كلا الاجتماعين. ووسط تكهنات بوجود بديل لاتحاد المغرب العربي، وصل سفير المجلس الرئاسي الليبي سامي المنفي إلى الرباط يوم 24 أبريل/نيسان لتسليم رسالة مكتوبة بخط اليد إلى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. وفي نفس اليوم، استضافت موريتانيا سفيرا ليبيا آخرا هو عماد الفلاح. وكلاهما رفض أي محاولة لإقامة اتحاد باستثناء المغرب العربي. وأكد ذلك أبو بكر إبراهيم الطويل، سفير ليبيا بالرباط. وفي 25 أبريل، أبرز وزير الخارجية الجزائري أحمد عطوف التزام الجزائر بتوحيد المغرب العربي وتعهد بعدم استبعاد أي عضو من خطط التكامل الإقليمي.
ومن الممكن أن تكون مثل هذه الوحدة بمثابة الدواء الشافي للاضطرابات السياسية والقيود الاقتصادية التي تعيشها المنطقة
زيد م. بلباقي
ويشكل اتحاد المغرب العربي ضررا جانبيا في الخلاف السياسي المستمر منذ فترة طويلة بين المغرب والجزائر. لقد كان المغرب العربي، وهو الاسم العربي للمغرب، دائمًا ملاذًا للمغرب، وكانت الرباط القاعدة السياسية والدينية للمنطقة منذ العصور الوسطى. تعود جذور الخلافات بين الجارتين المغاربيتين إلى النزاعات الحدودية التي أعقبت الاستقلال والعلاقات الدولية المتباينة.
ومع مواجهة المنطقة لاضطرابات متزايدة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين، بدءًا من التشدد في منطقة الساحل إلى الاضطرابات السياسية في تونس وليبيا، أصبحت الرغبة في توحيد المغرب العربي ذات أولوية منخفضة. ومع ذلك، فإن مثل هذه الوحدة يمكن أن تكون بمثابة الدواء الشافي للاضطرابات السياسية والقيود الاقتصادية في المنطقة.
إن إطار التكامل القوي سيؤدي إلى الكفاءة والنمو في التجارة الإقليمية والدولية، في حين يخلق الفرص للأمن المشترك، وتدابير مكافحة التشدد ومكافحة الاتجار، وحرية حركة الأشخاص والتعاون الدبلوماسي على المسرح العالمي.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن التكامل سيكون منطقيا من الناحية الاقتصادية لأنه سيخلق سوقا تضم أكثر من 100 مليون مستهلك وناتج محلي إجمالي إقليمي يزيد عن 360 مليار دولار. ومن المؤكد أن هذا سيخلق حافزاً قوياً للاستثمار الأجنبي المباشر ونقل المعرفة. ويلعب المغرب دورا رئيسيا في هذا التكامل، وتعد جهوده الدبلوماسية الأخيرة لضمان ضم الرباط إلى الوحدة المغاربية بمثابة شهادة على موقفه الإقليمي.
إن حضور المغرب حيوي لتنشيط الاتحاد والعمل على تحقيق الوحدة الإقليمية.
زيد م. بلباقي
إن المغرب في وضع جيد لتنسيق الجهود الرامية إلى تنشيط اتحاد المغرب العربي. ونظراً لاستقرارها الاقتصادي والسياسي، وبنيتها التحتية التجارية القوية، وعلاقاتها الدبلوماسية القوية على مستوى العالم، فإنها قادرة على تحقيق المزيد من المكاسب من التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي في منطقة المغرب العربي.
علاوة على ذلك، يستفيد المغرب من وجوده الراسخ في منطقة المغرب العربي. على سبيل المثال، لدى البنكين المغربيين، التجاري وفا بنك والبنك الشعبي المركزي، حضور في تونس وموريتانيا ومختلف أنحاء أفريقيا. لقد تم إنشاء اتحاد المغرب العربي في مراكش ومقره الرباط، لذا فإن وجود المغرب يشكل جزءاً لا يتجزأ من أي جهد يرمي إلى تجديد الاتحاد والعمل على تحقيق التكامل الإقليمي.
على الرغم من مواردها الطبيعية الغنية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي ورأس مالها البشري القوي، تظل منطقة المغرب العربي المنطقة الأقل تكاملا اقتصاديا في العالم. ورغم أن البلدان نجحت بشكل فردي في تحسين أدائها الاقتصادي في السنوات الأخيرة، فإن التجارة الإقليمية تمثل أقل من 5 في المائة من إجمالي تجارة الدول الأعضاء. ولذلك فإن الحاجة إلى تجديد اتحاد المغرب العربي أصبحت أقوى من أي وقت مضى، وهذا يتطلب حضور وشراكة جميع الدول الأعضاء.
إن الجهود المبذولة لإنشاء بدائل مجزأة لاتحاد المغرب العربي ستزيد من عرقلة التكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال إنشاء كتل تقوم على مصالح سياسية متباينة. يستفيد جميع الأعضاء المؤسسين لاتحاد المغرب العربي من الجهود المشتركة لتسخير الإمكانات الاستراتيجية لمغرب مغرب موحد.
-
زيد بلباقي معلق سياسي ومستشار لعملاء القطاع الخاص بين لندن ومنطقة مجلس التعاون الخليجي. عاشرا: @مولاي_زيد
إخلاء المسؤولية: الآراء التي عبر عنها الكتاب في هذا القسم خاصة بهم ولا تعكس بالضرورة آراء عرب نيوز.